تشير البدائل الاصطناعية الحديثة للعين إلى الجيل الجديد من الأطراف الصناعية العينية المزودة بإمكانيات متقدمة. كما نعلم، يُعد العمى إعاقة عميقة ومدمِّرة لا تؤثر فقط على مظهر الفرد وجماليات وجهه، ولكنها تُقلِّل بشدة من قدراته الوظيفية. العديد من الأفراد المصابين بهذه الحالة ليس لديهم خيار سوى الاعتماد على العكازات أو مساعدة الآخرين طوال حياتهم.
ولهذا السبب، سعى العلماء والأطباء منذ فترة طويلة إلى إيجاد طرق لاستعادة البصر—كليًا أو جزئيًا—للأشخاص المتضررين. يمتد تاريخ العيون الاصطناعية إلى آلاف السنين. في العصور القديمة، استُخدمت مواد مثل الدهون والعظام والذهب والتيتانيوم والعاج لصنع عيون اصطناعية. كانت هذه الأطراف الصناعية تُستخدم فقط لاستعادة المظهر الجمالي.
غير أن ادعاءات حديثة لباحثين أستراليين تشير إلى أنهم أكملوا المراحل الأولية لتطوير عين اصطناعية قادرة على توفير الرؤية للمكفوفين. ويؤكدون أن التجارب البشرية ستُجرى خلال عامين فقط. اخترع هؤلاء العلماء شرائح دقيقة صممت لتقديم صور مُبَكْسَلة من العالم المحيط للأفراد المكفوفين. استغرقت أبحاث وتطوير هذه الشرائح نحو 10 سنوات، مع حاجة إلى عام إضافي لإنتاجها.
الشرائح الدقيقة المزودة بكاميرا في البدائل العينية الحديثة: تمكين الرؤية
طوَّر هذه الشريحة البروفيسور جريج سوانينج، الأستاذ المشارك في جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW) في أستراليا)، وفريقه البحثي. يمكن دمج هذه الشريحة التي يبلغ حجمها 5 ملليمترات في البدائل العينية الحديثة. هدفها تفسير الإشارات من كاميرا مدمقة وإرسالها إلى الدماغ. تبدأ العملية بكاميرا صغيرة مُثَبَّتة في مركز نظارة، تلتقط الصور وتنقلها إلى الشريحة المزروعة في العين.
من خلال تحفيز خلايا الشبكية، تُنشئ الشريحة تمثيلًا لبيئة الشخص الكفيف. ومع ذلك، مثل النماذج الأخرى المُطورة عالميًا، لا يمكن لهذه التكنولوجيا استعادة الرؤية الطبيعية. تبدو الصور المُنتَجة مثل صور صحف قديمة مكبَّرة بشدة ومُبَكْسَلة، مما يُقدِّم فقط تقريبًا ضبابيًا يشبه الشبكة للواقع.
في النهاية، تتحول الصورة المُلتقطة إلى أنماط شبكية بسيطة، تُنشئ خطوطًا وحوافًا. هذا يسمح للأفراد ذوي الإبصار المحدود أو المعدوم بالتنقل في بيئتهم. بينما يظل استعادة البصر الكامل هدفًا بعيدًا، قد يُثبت هذا الجهاز أنه مُغيِّر للحياة لمن فقدوا بصرهم بسبب المرض. في السنوات الأخيرة، ركزت جهود علمية وطبية كبيرة على استعادة البصر للمكفوفين.
العيون الاصطناعية المزودة بالكهرباء والبدائل الحديثة
قبل عقد من الزمن، نجح مجموعة من أطباء العيون البريطانيين في استعادة البصر الجزئي لمرضى مكفوفين باستخدام تكنولوجيا عين اصطناعية مبتكرة. اختبر جراحون في مستشفى مورفيلدز للعيون في لندن—واحد من أبرز عيادات العيون في المملكة المتحدة—هذه التكنولوجيا على مريضين كفيفين يعانيان من مرض وراثي تنكسي في الشبكية. حققت كلتا التجربتين نتائج إيجابية.
بفضل هذه التكنولوجيا، تمكن المرضى من التحرك بشكل مستقل وكشف الأشياء دون مساعدة. تُعرف هذه المنظومة باسم “أرغوس II”، وقد تصبح متاحة على نطاق واسع للمكفوفين خلال ثلاث سنوات. تتطلب العملية جراحة لزرع لوحة معدنية رفيعة مزودة بحوالي 60 قطبًا كهربائيًا في مؤخرة العين. ترسل كاميرا فيديو صغيرة مثبتة على نظارة شمسية الصور إلى هذه الأقطاب، التي تتصل بالدماغ عبر الأعصاب البصرية.
هل يمكن لتكنولوجيا “أرغوس” استعادة البصر كليًا؟
بحسب الباحثين البريطانيين، لا يمكن لمنظومة “أرغوس II” استعادة بصر المريض كليًا. لكنها تعزز الرؤية الأساسية، مما يمكِّن المستخدمين من التمييز بين الضوء والظلام. يمكن دمج هذه التكنولوجيا في البدائل العينية الحديثة. طُعِّمت النسخة السابقة من هذه العين الاصطناعية، المسماة “أرغوس I”، لأول مرة في عام 2002 في عين امرأة أمريكية تبلغ 64 عامًا كانت كفيفة منذ سن الـ50 بسبب تنكس الشبكية. قالت المرأة: “أستطيع الآن العثور على مخارج الغرف، واللعب مع أحفادي، وزيارة المراكز التجارية بمفردي. في نيويورك، تعرَّفت على تمثال الحرية، وفي باريس شاهدت برج إيفل. أصبحت أستشعر الأحداث حولي”. استخدم الجيل الأول من هذه العين 16 قطبًا، بينما يستخدم الجيل الثاني 60 قطبًا.

الزرعات لاستعادة البصر
في العام الماضي، انتشر خبر يفيد بأن العلماء طوَّروا زرعة شبكية تسمح لثلاثة مرضى مكفوفين بكشف الأشكال والأجسام خلال تجارب سريرية. ذكر باحثون في مستشفى توبينغن للعيون في ألمانيا أن هذا الجهاز قد يصبح علاجًا معتادًا لأنواع معينة من العمى خلال خمس سنوات. وصف الخبراء النتائج بأنها استثنائية.
قد تُغيِّر الزرعة الشبكية، التي طورها باحثون ألمان، حياة 200 ألف شخص حول العالم يعانون من عمى ناتج عن مرض تنكسي في العين يُسمى “التهاب الشبكية الصباغي”. توضع الزرعة تحت الشبكية، حيث تحل محل الخلايا المستقبلة للضوء التي دمرها المرض. تستفيد الزرعة من وظائف معالجة الصور الطبيعية للعين لإنشاء مدخلات بصرية مستقرة للمريض.
الخاتمة
في السنوات الأخيرة، أجريت دراسات عديدة لاستعادة البصر للمكفوفين عبر البدائل العينية الحديثة. بينما لا تزال هذه التطورات تجريبية وتستعيد جزءًا من البصر، يقدم التقدم العلمي والتكنولوجي المستمر أملًا بتحقيق طفرات مستقبلية. يتوقع الباحثون أن الابتكار المستمر قد يمكن يومًا ما من استعادة البصر كليًا للمتضررين.

بدون نظر